عشيرة العزيزات

صورة

الملك عبد الله الثاني يزور الكرك: تاريخ يجمع الهاشميين والعزيزات في معركة مؤتة
=====================================


بالأمس، زار جلالة الملك عبد الله الثاني، حفظه الله، أرض الكرك، وبالتحديد موقع معركة مؤتة العظيمة، حيث تلاقت على هذه الأرض المباركة دماء أبطال الإسلام مع شجاعة أبناء عشيرة العزيزات. إنها زيارة تجسد الرباط التاريخي العميق الذي يجمع بين أحفاد الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- بني هاشم وعشيرة العزيزات، الذين كان لهم دور مفصلي في هذه المعركة الخالدة.

معركة مؤتة، التي وقعت في أغسطس من عام 629 ميلادية، كانت إحدى أعظم المعارك في حياة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. استشهد فيها ثلاثة من القادة الأبطال: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب ابن عم النبي، وعبد الله بن رواحة. وبعد استشهادهم، دفنهم أبناء العزيزات في مراقدهم التي لا تزال موجودة حتى يومنا هذا في الكرك، رمزًا للوفاء والشجاعة.

وإلى جانب هذا الدور البطولي، يستذكر أبناء العزيزات العمل التاريخي الذي قام به جدهم الأول عبد الرحمن العُزيزي العزيزات وأخاه صقر، حيث سهلوا دخول الجيوش الإسلامية إلى المدينة، وقدموا لهم مفاتيحها والطعام والشراب. كان هذا الموقف العظيم نتيجة شعورهم بالقومية العربية ورفضهم لحكم الرومان التعسفي الذي كان يضطهد العرب الغساسنة.

زيارة جلالة الملك اليوم ليست مجرد زيارة عادية، بل هي تأكيد على استمرارية الإرث العظيم الذي يجمع بين الهاشميين، أحفاد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، والعزيزات، الذين كانوا دومًا في طليعة من دافعوا عن الحق والكرامة. إنها رسالة فخر واعتزاز بجذورنا الممتدة في التاريخ، ورسالة وحدة بين أبناء هذا الوطن الذين حملوا عبر العصور قيم الوفاء والشجاعة.

حمى الله الأردن، أرض التاريخ والمجد، وحفظ جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو ولي عهده الأمير الحسين بن عبد الله، وأدام الأمن والاستقرار على شعبنا العظيم. الأردن كان وسيبقى وطنًا يجمع العزة والشرف، يحمل إرثًا خالدًا من تضحيات الأجداد إلى طموحات الأحفاد.

الأردن: نموذجٌ حيّ للوحدة الوطنية والتسامح

=============================================

في قلب مدينة مادبا، يقف مسجد المغفور له الملك الحسين بن طلال، شاهداً على تاريخ طويل من العيش المشترك والوحدة الوطنية. المسجد، الذي يعد من أبرز معالم المدينة وأكثرها اتساعاً واكتظاظاً بالمصلين، بُني على قطعة أرض تبرع بها أحد أبناء عشيرة العزيزات -المرار- المسيحية في الأربعينيات من القرن الماضي، الفقيد سليم باشا المرار، ليكون رمزاً للتفاهم والتعايش بين المسلمين والمسيحيين.

ليس هذا المسجد مجرد مكان للعبادة، بل هو رسالة حب وسلام، تُبرز القيم الإنسانية التي تجمع الأردنيين. أعاد المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه بناء المسجد بمكرمة ملكية خلال زيارته لمادبا عام 1998، ليجمع بين الطراز المعماري العثماني وسحر الأرض الأردنية، محاكياً جمال مسجد السلطان أحمد في إسطنبول.

هذا المعلم التاريخي يعكس صورة الأردن كوطنٍ يحتضن الجميع، حيث تصدح مآذن المساجد جنباً إلى جنب مع أجراس الكنائس، ليخبر العالم عن قصة أردنية فريدة عنوانها الوحدة والإخاء.

حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة، وجعلنا دائماً مثالًا يحتذى به في التعايش والتسامح.

مسجد الحسين بن طلال في مادبا
مسجد الحسين بن طلال في مادبا

أرثٌ لا يموت, عطاءٌ لا ينضب

العبرة من الماضي: قوة الوحدة وثقة القيادة

=========================================================

في عام 1879، اجتمعت عشيرة العزيزات تحت قيادة الشيخ صالح الصوالحة لاتخاذ قرار مصيري، وهو الهجرة من الكرك إلى مادبا. لم يكن القرار سهلاً، فقد كان هناك من وافق ومن تردد، ولكن في نهاية المطاف، كان الإيمان بالقيادة والثقة بالله هو ما جمع الجميع على كلمة واحدة. لو أن أبناء العشيرة انقسموا أو شككوا في حكمة قائدهم، لكانت العواقب وخيمة؛ ربما كنا سنشهد عشيرة مُمزقة وسهلة الاختراق وسط صراعات القبائل التي كانت تعصف بالمنطقة آنذاك.

هذه الوحدة وهذا الإيمان بالقيادة لم ينقذ العشيرة فقط، بل جعل منها رمزاً للقوة والتكاتف في مواجهة التحديات. التاريخ يخبرنا أن النجاح لا يأتي من القرارات الفردية، بل من الوقوف صفاً واحداً خلف قائد يؤمن بالمصلحة العامة ويضعها فوق كل اعتبار.

اليوم، ونحن نستذكر هذا الدرس العظيم، ندرك أهمية الوحدة في بناء الأوطان. في وقت تعصف به التحديات الإقليمية والدولية، نحتاج إلى الإيمان بقيادتنا والتمسك بمبادئنا الوطنية. الأردن بقيادته الحكيمة، تحت ظل جلالة الملك عبدالله الثاني، هو مثال حي على كيف يمكن للوحدة والثقة بالقيادة أن تحمي الوطن وتدفع به نحو مستقبل مشرق.

التاريخ ليس فقط ذكريات، بل دروس يجب أن نستلهم منها العبر. وكما اجتمعت عشيرة العزيزات على كلمة واحدة في الماضي، علينا اليوم أن نتحد ونعمل جميعًا من أجل الأردن، ونتذكر دائما أن الثقة في القائد هي أساس النجاح. حمى الله الأردن وشعبه وقيادته.